Friday, March 29, 2013

ملفات قانونية و قضائية لمصر بعد الثورة.. القضاة١

ذهب الكثيرون في مسارات التحليل السياسي و المقارعة الحزبية لكني أكثر انشغالا بأفكار بناء مصر الجديدة و خاصة في ملفات العدل و القضاء.

معركة الدستور و صياغته حملت الكثير من مخلفات الماضي و تسابق الجميع لمحاولة الحفاظ على مكتسبات ما قبل الثورة و تعزيز مساحات الاختصاص و القرار دون روية و بعيدا عن مصالح الوطن و مستقبله. 

على الرغم من اقرار الدستور و نصوصه التي عصفت بكثير من تطلعي إلى تغيير جذري يليق بمصر الجديدة بعد الثورة فيما يخص البنية القضائية و فلسفة التقاضي و العدالة، فإنني لا أزال أتمنى أن يكون على جدول أعمال مصر الجديدة الاهتمام بهذا الملف و تناوله بغير عقلية المصالح و الصراع السياسي.

القضاء من ملفات مصر بعد الثورة التي تحتاج إلى دراسة و تشاور و عمل بحثي و علمي جاد لتأسيس جيد و واع لأجهزة و سلطات الحكم. ابدأ هنا بمسألة تعيين و اختيار القضاة.


أولا: اختيار و تعيين القضاة

في ظني أن واحدة من مقدمات عملية الإصلاح و التأسيس لمستقبل مصري أفضل على مستوى العدالة و القضاء هي إحسان اختيار و تعيين القضاة بتنظيم الأمر و إرساء قواعد موضوعية واضحة و منضبطة.

لعلنا نبدأ بتقنين شروط و اجراءات تعيين القضاة و أن ينص هذا التقنين على إنشاء سكرتارية اختيار المرشحين للعمل بالقضاء. يقوم عليها قاض يعينه وزير العدل من بين ثلاثة يرشحهم مجلس القضاء الأعلى.

المهمة الرئيسة لهذه السكرتارية هي إدارة مسابقة و اختبارات اختيار القضاة و ذلك بنشر شروط و اجراءات كل مسابقة و العمل على أن تتم العملية في اطار من الموضوعية و الكتمان و المهنية.

كما تضمن السكرتارية إلمام لجان اختيار القضاة في كل مسابقة ببنية السلطة القضائية و محاكمها المختلفة و مهمة القضاء و الصفات و المؤهلات و الملكات اللازمة للقاضي.

و تنشر هذه السكرتارية على موقع وزاة العدل على الإنترنت تقريرا سنويا بكافة الأعمال التي قامت بها على أن يتضمن الاحصاءات الخاصة ب تنوع الاختيار من حيث تمثيل المحافظات و الجامعات فضلا عن التنوعات المختلفة.

ثانيا: اجراءات الاختيار

إعلان:
 إذا ما اقتضت الحاجة تعيين قاض أو قضاة بعد مراجعة احتياجات المحاكم المختلفة عن طريق رؤساء المحاكم المختلفة و المجلس الأعلى للقضاء، تبدأ السكرتارية في عمل مسابقة اختيار و تلتزم بإعلان عن المسابقة في جريدة نقابة المحامين و على موقع وزارة العدل و الجريدة الرسمية.

يتضمن الإعلان الشروط اللازمة للتقدم و الأوراق المطلوبة و مواعيد التقديم و المحكمة المختصة بالتعيين و كذا كافة التفاصيل الخاصة بالمسابقة بشكل مفصل. ينشر الإعلان قبل بدء اجراءات المسابقة بثلاثة شهور على الأقل داعيا من تتوفر فيهم الشروط إلى تقديم ملف إلى السكرتارية.

تنظم السكرتارية مسابقات الاختيار آخذة في الاعتبار عدد القضاة المطلوب تعينهم و أماكن تعينهم و الاعتبارات المالية و القانونية.

تلتزم السكرتارية بنقل صورة من كل الملفات التي استكملت كافة الأوراق إلى كل من:
وزير العدل، رئيس المحكمة المعنية، المجلس الأعلى للقضاء، نقيب المحامين، نقيب المحامين بالنقابة الفرعية التابع لها المحكمة المعنية. و تخطر السكرتارية المتقدم للترشح باستلام الملف و تاريخ الاستلام.

في حالة استلام السكرتارية لملف غير مكتمل الأوراق أو استلامه بعد المواعيد المحددة في الإعلان، تعيد السكرتارية الملف إلى المتقدم للترشح و يعتبر الملف كأنه لم يسلم إلى السكرتارية و أن الشخص لم يقدم ترشيحه.


ترشيح لمنصب قاض:
كل شخص يرغب في التقدم للمسابقة و تتوفر فيه الشروط اللازمة لتولي منصب بالقضاء فضلا عن غيرها من الشروط الواردة في إعلان مسابقة التعيين، يلتزم بتسليم السكرتارية ملفه كاملا مستوفيا كافة الأوراق و البيانات المطلوبة بالإعلان في موعد غايته آخر موعد للتقدم بحسب الإعلان.

الأوراق تسلم باليد و تختم بتاريخ و موعد التقديم أو بالبريد المسجل بعلم الوصول و يكون موعد الاستلام هو موعود استلام السكرتارية للأوراق في حدود المواعيد المحددة في الإعلان.

تتضمن الأوراق:
- موافقة المتقدم على قيام الجهات المعنية بمراجعة كافة البيانات و المعلومات الخاصة به،
- تعهد المتقدم بالتزام السرية بخصوص تقدمه للترشح و بخصوصية و سرية كافة القرارات التي تتخذ بخصوص ترشحه،
- تعهد و التزام المتقدم بعدم استغلال النفوذ و التأثير بشكل مباشر أو غير مباشر على القرارات الخاصة بترشحه و/أو تعيينه

لا يجوز لأي عضو أو أيا من موظف السكرتارية التقدم لأي من مسابقات تعيين القضاة خلال فترة عمله بسكرتارية و يمتد المنع لمدة عامين تحتسب من آخر يوم عمل له بالسكرتارية.

لا يجوز لأي عضو أو موظف بالسكرتارية أن يكون له قرار أو رأي في حالة ترشح أيا من أقاربه حتى الدرجة الرابعة.

ثالثا: لجنة الاختيار

بعد نشر إعلان مسابقة تعيين قضاة، يقوم وزير العدل باختيار أعضاء لجنة الاختيار.

تكون مهمة اللجنة هي فحص و دراسة ملفات المتقدمين للترشح للقضاء و إعداد تقرير و يحدد للجنة المسابقة أو المسابقات التي تختص اللجنة بدراستها و فحصها. لا يجوز أن تنظر اللجنة أكثر من خمس مسابقات للترشح.

تتكون اللجنة من ٧ إلى ٩ أشخاص على أن يكون من بينهم، أحد أعضاء المجلس الأعلى للقضاء ( و يكون هو رئيس اللجنة)، رئيس المحكمة المعنية بالمسابقة، اثنين ترشحمها نقابة المحامين أحدهما محام، اثنين من غير القضاة و المحامين و المشتغلين بالقانون مع الأخذ في الاعتبار تنوع التمثيل الجغرافي و المهني.

يلتزم و يتعهد أعضاء اللجنة بقسم حفظ السرية و الالتزام بالمهنية و الموضوعية و احسان الاختيار بمعايير منضبطة و موضوعية تراعي المصلحة العامة و الإعلان عن أي تعارض للمصالح.

يلتزم أعضاء اللجنة بحضور جلسات التدريب و التأهيل اللازم و الذي توفر سكرتارية مسابقات تعيينات القضاة

يتعرض للمساءلة كل عضو لجنة لم يتنحى من تلقاء نفسه في أي من الحالات التالية:
- تقدم زوجه أو من كان زوجه للترشح،
- تقدم أيا من أقاربه حتى الدرجة الرابعة للترشح،
- تقدم من هو أو من كان شريكه، رئيسه في العمل، صاحب عمله، موظفه أو مستخدمه في الخمس سنوات السابقة،
٠إذا كان هناك أي اعتبار آخر معقول يمس حياده

للمترشح أن يحيط اللجنة بأية اعتبارات قد تطلب تنحي أيا من أعضاءها

يمكن أن يرشح ذات الشخص كحد أقصى لعضوية خمس لجان اختيار تعمل في ذات الوقت

ينظم رئيس اللجنة عملها و يحيط أعضاءها بمواعيد و أماكن الاجتماعات

يمتنع أعضاء اللجنة عن لقاء أي من المتقدمين بشكل منفرد تحت أي مسمى و إذا حدث فإنه يجب أن يحيط اللجنة علما و لها أن تتخذ ما تراه مناسبا بحسب كل حالة و من ذلك تنحي العضو المعني بالأمر.

تلتقي اللجنة المتقدمين في اجتماعات مغلقة و غير معلنة.

يقوم أعضاء اللجنة فرادى بعمل محضر للقاء كل متقدم للمسابقة على أن يضم إلى التقرير النهائي الذي تصوغه اللجنة لإنهاء عملها.

رابعا: معايير الاختيار

في سبيل تقييم المتقدمين تقوم اللجنة بالأخذ في الاعتبار المعايير التالية:
- مهارات المتقدم و تشمل (صفاته الشخصية، ملكاته الفكرية، استقامته و سلامة منطقه و خلقه، خبرته في الحياة، خبراته القانونية و درجة إتقانه و إلمامه بالقانون نظريا و عمليا، قدرته على الحكم بشكل موضوعي، قدرته على الاستبصار و الترجيح و ترتيب الأولويات و صياغة حكم في مدى زمني معقول فضلا عن مهارته في التعبير بلغة عربية سليمة)
- تصور المتقدم لمهمة القاضي و القضاء
- دافع المتقدم لتولي مهمة القضاء
- خبرة المتقدم على المستوى الإنساني و المجتمعي و المهني
- ادراك المتقدم بالحقائق و المشكلات المجتمعية
- ادراك و استحسان الوسط القانوني و القضائي لخبرة و أعمال المتقدم

خامسا: تقرير لجنة الاختيار

تصوغ اللجنة في نهاية عملها تقريرا مفصلا ترفعه إلى السكرتارية التي ترفعه بدورها إلى وزير العدل على أن يتضمن بالترتيب الأبجدي أسماء الثلاثة المرشحين لكل منصب الذين وقع عليهم اختيار اللجنة بأغلبية أعضائها.

إذا لم ترشح اللجنة أيا من المتقدمين فعليها أن تبدي في تقريرها سبب ذلك.

كما يتضمن التقرير نبذة مختصرة عن تقييم اللجنة لكل المتقدمين و يرفق بالتقرير محاضر الجلسات التي دونها أعضاء اللجنة و كذلك ملفات المتقدمين.

الانتماء الفكري أو السياسي لا يعول عليه في تقييم المتقدمين و لا ترشيحهم و لا في تعيين الوزارة لهم.

ترشيحات اللجنة لا يعتد بها إلا بخصوص المسابقة التي شكلت لأجلها.

تقوم السكرتارية بفحص و مراجعة كافة المعلومات الخاص بالمرشحين و لها أن تطلب في ذلك تقارير الجهات المالية و الأمنية و القضائية و الصحية.

تقرير اللجنة و توصياتها و ترشيحاتها سرية و لا يجوز بأي حال من الأحوال نشرها أو إذاعتها.


سادسا: مرتبات و بدلات أعضاء لجان الاختيار

أعضاء اللجان من غير القضاة أو العاملين بالحكومة و أجهزة الدولة يتقاضون مبلغ ٢٠٠ جنيه كحد أقصى عن كل يوم عمل باللجنة.

لأعضاء اللجان استرداد المصروفات التي يصدر بها وزير العدل قرارا على ألا تتجاوز ٥٠٠ جنيه كحد أقصى.


سابعا: أحكام انتقالية

الوضع الحالي و النقلة التي نبتغيها لإصلاح مرفق القضاء و الارتقاء بمستوى القضاة تتطلب منا تضحيات و تدابير مدروسة نعلي فيها جميعا المصلحة العامة و نقدم صالح الوطن على ما سواه من مصالح و مطامع شخصية أو فئوية ضيقة.

أعتقد أن الحد الأقصى للقضاة يجب أن يتم خفضه إلى ٦٠ سنة كحد أقصى.

نحتاج إلى برامج تأهيل و تدريب حديثة للقضاة و مسابقات و امتحانات (غربلة) تشمل المهارات القانونية و القضائية فضلا عن ملكات اللغة و الصياغة الرصينة و القدرة على استخدام الكمبيوتر في كتابة الأحكام.

وقف ما يسمى بانتداب القضاة و إعارتهم.

هذا بعض ما أفاض الله علي من أفكار لا تزال تحتاج إلى نظر و تدقيق و نقاش جاد. فما كان فيها من خير فهو من الله و ما كان دون ذلك فهو مني و  الله نسأل السداد و الرشد.


Tuesday, February 05, 2013

على هامش الفصل الثالث من المسودة الأولى للدستور


بعد عدة تغريدات على تويتر بشأن الفصل الخاص بالسلطة القضائية بالمسودة الأولى للدستور طلب صديقي أن أعرض رأيي في تدوينة و ها أنا أفعل من باب التفاعل مع المسودة الأولى.

قرأت المسودة و قد جمعت بين المهتم بالشأن السياسي و المواطن المتطلع إلى وطن يتقدم و يعلو و يحقق الحرية و الكرامة و العدالة الإجتماعية و أخيرا القانوني الذي شاءت الأقدار أن يحترف القانون دراسة و ممارسة في غير بلد و نظام قانوني.

أصدقك القول أيها القارئ الكريم أني لمست اجتهادا يبنى عليه و لامست أيضا قصورا يحتاج إلى مزيد من النقاش الموضوعي و التجرد لصالح الوطن بعيدا عن حسابات الانتخابات. ملاحظاتي على المسودة عديدة لكني سألتزم هنا بالتعليق على الفصل الثالث المعنون "السلطة القضائية" بفروعه الأربعة: نظام القضاء و الإدعاء و مجلس الدولة و المحكمة الدستورية العليا.

الفرع الأولنظام القضاء
تصدر استقلال السلطة القضائية هذا الفرع و في ذاك تأكيد محمود ينسجم و مبدأ فصل السلطات بمعيار الدولة الحديثة. كذلك أحمد للنص اشتماله على تجريم التدخل في شئون العدالة مادة ١٧٥

أزعجني و بشدة نص المادة ١٧٦ و هو يشير إلى أن القضاة غير قابلين للعزل. أتفهم ضرورة استقلال القاضي وظيفيا و عدم التأثير عليه لضمان استقامة القضاء و عدالته و بعده عن أهواء الساسة و أصحاب المال. غير أنه في دولة القانون العاملة بمبدأ فصل السلطات و كذا الرقابة و المحاسبة لأي من السلطات و الأفراد فإن النص بهذه الصياغة يجعل من القضاة فوق مستوى المحاسبة و الرقابة و هذا خلل يحتاج إلى علاج.

لننظر كيف رتبت بعض الدول المستقرة هذا الأمر. في كندا نصت المواد ٩٦ و ما بعدها من الإعلان الدستوري عام ١٨٦٧ على كيفية تعيين القضاة عن طريق الحاكم العام و تنص المادة ٩٩ فقرة ١ على أن القضاة يتولون مهمتهم طالما كان هناك حسن سير و لكن يجوز عزل القاضي بعد خطاب للحاكم العام
أمام مجلسي العموم و الشيوخ.
http://laws-lois.justice.gc.ca/eng/Const/page-5.html#h-25


فضلا عن هذا ينظم المجلس الأعلى للقضاء واجبات القضاة المهنية و حسن سيرهم و التزامهم بالقانون و يتلقى في ذلك الشكاوى من العامة أو النيابة أو وزير العدل و يشكل لجنة للتحقيق و قد يصل الأمر إلى عزل القاضي المشكو في حقه.
http://www.cjc-ccm.gc.ca/english/conduct_en.asp?selMenu=conduct_complaint_en.asp

inamoviblesفي فرنسا تنظم المواد ٦٤ و ما بعدها من دستور ١٩٥٨ السلطة القضائية و المادة ٦٤ تشير إلي لفظ و قد يظن البعض أنها تعني عدم القابلية للعزل و هذا غير صحيح إنما الصحيح هو أن اللفظ يعني عدم القابلية للعزل إلا في حالة الخطأ الجسيم و بإجراءات خاصة
http://www.le-dictionnaire.com/definition.php?mot=inamovible

و يعاون رئيس الجمهورية في الشأن القضائي مجلسا أعلى للقضاء و للعامة مخاطبته للشكوى و لك قارئي الكريم أن تراجع كم القضايا و الشكاوي التي يتلقاها المجلس و يبت فيها
http://www.conseil-superieur-magistrature.fr/node/607?m=table_analytique


بالرجوع إلى نص المسودة الأولى في مادتها رقم ١٧٦ نجد أن الصياغة غير منضبطة و قد يحتج القاضي المتخذ ضده اجراء تأديبي أو عزل بعدم دستورية ذلك معتمدا على صيغة المادة المشار إليها. لذا آمل أن يعدل النص و لأهمية الأمر قد يشير إلى آلية العزل أو ضمانة استقامة و عدالة قرار العزل.

السلطة التشريعية ممثلة في نواب الشعب المنتخبين تحاسبها الجماهير في الانتخابات عبر التصويت و تحاسبها قوانين المجلس و لوائحه فضلا عن أن البعض ينادي بآليات أخرى للأسف لم تأخذ بها المسودة الأولى فيما يخص المراقبة الشعبية أثناء مدة التمثيل النيابي. كذلك السلطة التنفيذية تراقبها و تحاسبها الأمة عبر صناديق الانتخاب و الرقابة الشعبية التي أيضا لم تلتفت إلى آلياتها المسودة الأولى للدستور. فإن كان الأمر كذلك بالنسبة للعمودين الأولين من أعمدة الدولة الحديثة و سلطاتها، فإن استقامة الأمر و ضمان التوازن و الاستقلال و المحاسبة و الرقابة يفترض أن يكون هناك آلية لمحاسبة القاضي المخل و بشكل علني و لا يحتجن أحد بالقول أن علانية الحساب إهانة للقضاء بل العكس هو الصحيح و في ذلك ضمان لتحقيق العدالة التي يقف الجميع أمامها سواء و رائدهم في ذاك القضاء.

كنت أود لو أن المسودة أفردت مواد لتنظيم السلطة القضائية من حيث الحد الأدني كما فعلت مع السلطتين التشريعية و التنفيذية. إذ أن المادة ١٧٧ من المسودة أحالت إلى القانون تنظيم القضاء و جهاته و اختصاصتها و طرق تشكيلها و إجراءات التعيين و المساءلة. و على الرغم من هذا التمني إلا أني أتفهم أن الرخاوة و السيولة التي تعيشها أركان الدولة المصرية أملت هذا الأمر و أعتقد أن إحالة الأمر إلى مجلس الشعب القادم يضعه أمام مسئولية عظيمة.

الفرع الثانيالإدعاء

ضم هذا الفرع النيابة العامة التي تتولى الإدعاء العام و النيابة الإدارية التي تتولى التحقيق في المخالفات الإدارية و المالية و ما يرد إليها من الهيئة العليا لمكافحة الفساد ثم أخير مقترح بما يسمى النيابة المدنية لتحضير الدعاوى المدنية و التجارية!

ككرة لهب في هذا الواقع السائل ألقت المسودة الكرة بملعب المجلس التشريعي القادم لتنظيم الإدعاء و نياباته العامة و المدنية و الإدارية. مرة أخرى حسنا أنها فعلت إذا أن هذا الملف يحتاج في رأيي إلى نقاش موسع و برلمان منتخب مفوض في الحديث بإسم الشعب.

ما أستوقفني في هذا الفرع هو مقترح النيابة المدنية و التجارية و هو مقترح مقدم من هيئة قضايا الدولة
http://www.almessa.net.eg/main_messa.asp?v_article_id=1544
المنطلقات غير المنضبطة تدفع بنا إلى نهايات غير منطقية. أزعم أن وضع النيابة العامة التى تتولى الإدعاء نيابة عن الشعب في مصر لم يكن منطقيا و لا مستقيما فأفسد النيابة العامة و أوغر صدور قوم آخرين (النيابة الإدارية و هيئة قضايا الدولة) فصار الأمر مغنما كسلطة قضائية يريد من له فيها و من ليس له منها نصيب أن يستظل بها و يستفيد من مزاياها.

إننا بحاجة إلى إعادة تنظيم هذا البناء الذي يتعهد الإدعاء العام لصالح الشعب و أعتقد أنه آن لنا أن نبتعد عن النظام الفرنسي لأننا لم نطبقه بشكل كامل فأخذنا سيئاته و كفرنا حسناته.
http://fr.wikipedia.org/wiki/Ministère_public_(France)

أزعم أننا سنكون أفضل بفصل النيابة العامة عن القضاء و إلحاقها بوزارة العدل على أن نأخذ لها ما يضمن لها استقلالها و مهنيتها و أجدني أميل إلى التطبيق الكندي في مقاطعة كيبك الذي تضم فيه وزارة العدل عددا من الهيِئات و الإدارات التي تشملها مهمة هذه الوزارة و منها إدارة الإدعاء العام
http://www.justice.gouv.qc.ca/english/ministere/organisation/organism-a.htm#Anchor-Directeu-17913

كما أن النموذج الكندي الفيدرالي لوزارة العدل يقدم حلا متميزا للنيابة الإدارية و هيئة قضايا الدولة أو
.النيابة المدنية كما هو مقترح بالمادة ١٨٠ من المسودة
http://www.justice.gc.ca/eng/dept-min/mandat.html
فعلى مستوى المقاطعة أو الفيدرالية فإن وزارة العدل تضم هيئات تمثيل الدولة في الدعاوى المدنية أو الإدارية.

و في جميع الأحوال لا يعد أعضاء النيابة العامة أو الإدعاء العام قضاة. إذ أنهم محامون معتمدون بنقابات المحاماة و يتقدمون لهذه الوظيفة العامة عبر مسابقات و امتحانات كغيرها من الوظائف.

الفرع الثالثمجلس الدولة
أجد أن مجلس الدولة و قد أخذناه عن فرنسا قد استقام نص المادة ١٨١ من المسودة و كسابقة المسودة في هذا الفصل فقد أحالت إلى القانون تنظيمه للقانون.

الفرع الرابعالمحكمة الدستورية العليا
أحيل هنا إلى ما سبق أن أشرت إليه فيما يخص عدم القابلية للعزل.

كنت قد كتبت مقترحا أرسلته للتأسيسية بشأن تغيير فلسفة الرقابة الدستورية في الدستور الجديد، اقترحت فيه التخلص من المحكمة الدستورية و أن تكون الرقابة الدستورية لقاض الموضوع و ذكرت حينها أمثلة و عددت مزايا الاقتراح.

على كل إذا كان الرأي الذي أخذ به هو الإبقاء على المحكمة الدستورية فإن نصوص المسودة الخاصة بالمحكمة في رأيي سديدة.

ختاما، كمواطن شعرت أن قلة من الساسة تبغي المصلحة الوطنية للأجيال القادمة في كتابة دستور معبر عن المجموع.المهمة كانت شاقة في ظل هذا الاستقطاب الحاد و العداء لهذه التأسيسية التي لي عليها تحفظات لكني أتجاوز عنها في ضوء الواقع الرخو الذي يحول دون التقدم للأمام.
بدت لي عملية صياغة المسودة و كأنها تقسيم كعكة و محاولة أن يصوغ كل فريق و كل طائفة ما يخصه في الدستور. هيئة قضايا الدولة و النيابة الإدارية و المحكمة الدستورية و الجيش و الشرطة و آخرون كل منهم يريد أن يكتب مواد الدستور على هواه.
أزعجني بشدة موقف المحكمة الدستورية اليوم إزاء نصوص المواد الخاصة بها بالمسودة و أرى أنهم تجاوزوا حدهم كقضاة و هذا يدفع بي إلى التأكيد على ضرورة ضبط مسألة عدم جواز عزل القضاة فوراء هذا الساتر غير المنضبط تمترس قضاة و مارسوا السياسة و لا يزالون.

هذا و الله تعالى أعلم 

Monday, June 18, 2012

محرز محامون و مستشارون قانونيون

QRCode

Tuesday, August 05, 2008

باللاتيني

أكثر ما يزعجني في قراءة الأدبيات و المراجع الفقهية القانونية هو استخدام البعض للمصطلحات اللاتينية بشكل مفرط أحيانا.
ربما في عهد سابق كان الكثيرون من رواد مدارس القانون في أوروبا يدرسون اللغة اللاتينية كواحدة من فروع التحصيل العلمي فكان فهمهم لهذه المصطلحات أمرا ممكنا. لكن الحال تبدلت و لم يعد يفقه هذه المصطلحات إلا شيوخ الفقه و القضاء.
اليوم كنت أكتب اليوم مراسلا محام الطرف الآخر لعرض وسائل دفاعي في قضية ما. عرضت ما كتبت على زميل أثرت خبرته عقود الزمن، فوجدته قد عدل بعض ما كتبت و هو ما كنت أبتغيه  من خبرته لكن ما لفت نظري في تعديلاته هو هذا المصطلح الذي لم أعرفه من قبل
ذهبت أستعلم منه عن المعني، فلما فهمت، اقترحت أن ننزعه من النص و نستبدله بكلام مفهوم فما الفائدة من الكتابه بهذه المصطلحات المعقدة. لكن يبدو أنها واحدة من الحواجز التي تعطي حجية للمحامين في أن يقولوا فيطاعوا لأنهم يتكلمون فيما لا يفقهه غيرهم، و لله في خلقه و لغاتهم شئون.

Friday, June 27, 2008

مسألة في مسئولية إدارة الشركة

في جلسة جمعتني بصديق يعمل بالقانون كان لا مفر من أن يكون لصفقة بي سي إي و حكم المحكمة الكندية العليا نصيب أفدت منه في استيضاح بعض النقاط القانونية من صديقي الملم ببعض التفاصيل في هذه القضية. اتفقنا على أن هناك حالة من التأني لاستيعاب و هضم المادة القانونية الثرية التي دفعت بها هذه القضية في عالم قانون الأعمال و التجارة.
رغم قرار المحكمة إلا أن الأمر لا يزال يحتاج إلي إيضاحات و انتظار رد الفعل على أرض الواقع. فالتزام المدراء بمعايير ضبط و تنظيم لصالح المساهمين يجد أصله في واجب يفرضه النص القانوني طبقا لقانون شركات المساهمة الكندي. 
بينما التزامات المدراء و الشركة تجاه دائنيها غالبا ما يكون مصدرها الالتزام التعاقدي باعتبار العقد شريعة المتعاقدين كقاعدة عامة.
هل يمكننا أن نقول أن قرار المحكمة قد رجح واجب المدراء تجاه المساهمين على التزامات الشركة التعاقدية مع دائنيها مما قد يعني تقديم النص  على التزامات تعاقدية، صريحة كانت أو ضمنية، مصدرها مشيئة المتعاقدين؟ لو كان الأمر كذلك فإنه قد يمثل طعنة لحرية التعاقد و التوقعات المعقولة و الموضوعية للمتعاقدين.
في قراءتي الشخصية أن قرار المحكمة على ما فيه من أهمية و ما صحبه من ضجة قانونية و إعلامية، فإنه قدم حلا لهذه القضية تحديدا دون أن يقصد بالقرار توطين أو تثبيت أي سابقة. فظني أنه لو كانت شركة أخرى غير بي سي إي و لو كان دائنا آخر غير هذا الدائن المغامر لاختلف قرار المحكمة.
إذ أن دائن الشركة بسندات كان يتوقع أن يتكسب مبلغا ما، لكن بيع الشركة بهذه الصفقة سيقلل من مكسبه في ذات الوقت هي صفقة نافعة للمساهمين.
أي المصلحتين كان يجب على المحكمة أن تغلب؟ 
في قراءة المحكمة أن الدائن بسندات قد أبرم عقدا و له منه توقعات معقولة موضوعيا لكن إلي أي مدى تسآل إدارة الشركة عن هذه التوقعات المعقولة؟ هل علي المحكمة أن تذهب في تفسير و تطبيق النصوص بعيدا لتضع على إدارة الشركة عبء مراعاة مصالح المساهمين و كذلك دائني الشركة و توقعاتهم المعقولة موضوعيا؟
قرار المحكمة أبقي الوضع كما هو عليه و لم يحمل إدارة الشركة مزيدا من الالتزامات و قصرها على التزام مصدره النص القانوني لصالح المساهمين.
قلت لصديقي أني أري أن القرار استوعب الأهمية الاقتصادية للبيع المتنازع على اثباته أو بطلانه. فالصفقة تمس قطاعا اقتصاديا هاما و هو الاتصالات و تخص الشركة الكبرى في هذا المجال و أخيرا أنه يوطد أواصر الثقة بين إدارة الشركة و المساهمين إذ يختار الأخيرون السابقين لإدارة الشركة بما فيه مصلحتهم بغض النظر عن منافع الدائنين.

لكن و ماذا عن الدائنين؟ 
أعتقد أن المحكمة قد تركت الأمر لحرية التعاقد و فراسة الدائن و قدرته على قراءة السوق في صعوده و هبوطه. خاصة و أننا نتحدث هنا عن محترفين يمتهنون إدارة الاستثمارات و التمويل.

المحكمة بالتأكيد وقفت بصف المساهمين و هي في رأيي محقة باعتبارهم دائما الحلقة الأضعف في المعادلة، خاصة و أن دائن الشركة يتمتع بقدرة أكبر على المناورة و المفاوضة بعكس المساهم الذي أوكل الأمر إلي إدارة الشركة.
هذه القراءة في نظري مستساغة نظريا لكن التدقيق في تفاصيل الصورة و المشهد الخلفي يجعلنا نلاحظ أن الشركات الدائنة هي شركات تدير استثمارات أفراد قطاعات خدمية كان أملهم هو تأمين معاش أفضل للمستقبل، و هو كذلك حال الشركة العارضة لشراء بي سي إي التي تستثمر أموال معاشات مدرسين بمقاطعة أونتاريو. فالصورة الظاهرة تعكس شركات كبيرة تمول و تستثمر أرقاما كبيرة، لكن التفاصيل تقول أن العائد ربحا و خسارة يمس مدرس أو موظف حاول أن يأمن مستقبل معاشه و عهد بإدارة هذا إلي هذه الشركة أو تلك، ليجد في النهاية نفسه خاسرا بمعني أن خسارته تتمثل في ربحية أقل مما توقعه أو أقل مما صورته له الشركة التي تدير استثماره.

أعتقد أن وجود الشركة كشخص قانوني تعاظم و تضخم ليحجب الشخص الطبيعي و يضعه خارج دائرة الضوء. هل هذا التضخم و الانتفاخ للشخص القانوني المعنوي في صورة الشركة نشأ و تطور بعفوية؟  و ما هي آثار هذا الانتفاخ و المساحة المتعاظمة مع الوقت لاحتلال الشركة المشهد القانوني و الانساني؟
كان للبروفيسور ياندا الفضل في لفت نظري إلي فيلم الشركة حين دعانا بعد انتهاء محاضرته في مادة الشركات إلي الحضور في مساء يوم ما لمشاهدة ذاك الفيلم. خاصة أنه كان مهتما بمسألة إدارة الشركة و التطورات القانونية في هذا الشأن. حضرنا في الموعد المقرر و كان هو قد أعد القاعة و أحضر بعضا من المرطبات و الفيشار و تابع معنا عرض الفيلم و دخلنا في نقاش ممتع حول الفيلم.
ربما بعد مشاهدة الفيلم قد تدرك أنت كذلك أبعادا أخرى للشركات و قوانينها.

Wednesday, June 18, 2008

و يبقى الوضع كما هو عليه

منذ فضائح كبريات الشركات في العقود الماضية اجتهد المشرع في الغرب في البحث عن حلول و معايير قانونية لضبط إدارة الشركات و تنظيم العلاقة بين المساهمين و مدراء الشركات. كما أن بعضا من الشركات الكبرى أحيانا من باب ذر الرماد في العيون أو عن اقتناع بالحاجة إلي نقطة نظام، قد شرعت في إعادة صياغة إدارة الشركات بما يتيح قدرا مهما من الشفافية و المحاسبة.
كذلك استجاب القضاء خاصة في نظم السوابق القضائية و بدأ يلعب دورا هاما في تنظيم إدارة الشركات للحفاظ على مصالح المساهمين دون تقييد المدراء بالكثير من المعايير و الضوابط حتى يسهل عليهم تيسير أعمال الشركة و الاستجابة لحركة التعامل و السوق بشكل يتوافق و سرعتيهما.

في غضون الشهور القليلة الماضية تحركت صفحة الماء في عالم الشركات في كندا حيث تقدمت احدي الشركات بعرض لشراء أكبر شركة اتصالات بكندا ممولة عرضها بأكبر دين على مستوى العالم بغرض شراء شركة. هذا كله ليس بجديد من حيث قيمة الشراء، لكن الجديد هو ما تقدم به دائنو الشركة المباعة إلي المحكمة من اعتراض على اتمام الصفقة لما فيه من اضرار بمصلحتهم زاعمين أنه كان يجب على مدراء الشركة أن يأخذوا بعين الاعتبار مصلحتهم جنبا إلي جنب مع مصالح المساهمين.
تدحرجت كرة النزاع القضائي سريعا من محكمة الدرجة الأولي لتفصل فيها محكمة الاستئناف و في وقت قياسي  تضع المحكمة الكندية العليا حدا لهذا النزاع الذى 
من شأنه أن يقرر قاعدة جديدة و قيدا جديدا على إدارة الشركة.
للاطلاع على تفاصيل النزاع و حكم المحكمة العليا اقرأ هنا  
لمشاهدة بعضا من المرافعات أمام المحكمة الكندية العليا شاهد هنا
*لا تقلق في البداية مقدمة بالفرنسية ثم باقي المرافعة بالإنجليزية

Thursday, June 05, 2008

Objection,,طرق الاثبات

يتساءل غير الملميين بالملكة القانونية عن النتائج النهائية لسير القضاء و حكم المحكمة على نحو قد يخالف المشاعر الأولية الساذجة حينا أو قد يضرب بعرض الحائط حقيقة ظاهرة لا تخفى على مبصر حينا آخر.
ما لا يدركه هؤلاء أن الحق يجب أن يثبت بطرق متفق عليها أمام القضاء فإذا لم يجبر ما يثبت الحق و لم يصلب عوده أمام طرقات الخصوم فإنه غالب الظن عرضة للضياع.
لنبسط الأمر بداية. هناك اتجاهين كبيرين في تنظيم الاثبات. يعرف الأول بنظام الاثبات المقنن و الاجراء الاتهامي و المعارض "accusatory or contradictory proof"
بينما يعرف الثاني بالاثبات الحر و الموجه قضائيا "inquisitorial"
النظام الأول ارتبط تاريخيا بالنظم الأنجلوسكسونية بينما تزعمت الاتجاه الثاني المدرسة اللاتينية التي قادتها حركة التقنين الفرنسي. 

ما هو محل الاختلاف بين الاتجاهين؟
بشكل مبسط، الاتجاه الأول يحدد بشكل مسبق وسائل الاثبات و قيمة كل منها و كذلك طرق تقديمها و قبوليتها من عدمه و أوجه الاعتراض عليها و دحضها. كما يجعل هذا النظام وكلاء الأطراف أو المحامين هم سادة إدارة الاثبات بينما يتقلص دور القاضى ليصبح شبه سلبي و من ثم يحكم فيما طلبه المتحاكمون على ضوء ما قدموه من إثبات.
أما الاتجاه الثاني، فإنه يجعل للقاضى دورا أكثر إيجابية و لا يحد بقواعد صارمة من وسائل الاثبات و قبولها و لا يجعل لوكلاء الأطراف المتنازعة سلطة كبيرة في توجيه الاثبات.
 
لماذا هذا الاختلاف؟
لاشك كل اتجاه ينطلق من خلفية فلسفية ما. فالاتجاه الأول و هو بالطبع يتسم بالادراك الشخصي، نشأ بداية في أحضان رؤية عقلانية ليبرالية فردية تعظم حقوق الملكية و حرية التعاقد. 
فذاك الاتجاه حين يحدد مسبقا وسائل الاثبات و قيمتها و سائر قواعدها، فإنه يثمن حقوق الفرد الأساسية و يضع على عاتق من يحاول المساس بها سواء كان فردا آخر أو جماعة أن يثبت حقة و ادعاءه من خلال طرق معينة مرسومة. و هذا ما يفسر انتفاض وكلاء الأطراف للاعتراض على اثبات ما كما نشاهد في الأفلام الأمريكية.
لذلك في هذا الاتجاه تجد في القضايا الجنائية المتهم غير ملزم بالشهادة بينما يقع عبء اثبات التهمة كقاعدة عامة على الدولة و ممثل الادعاء سواء كان باسم الناس كما في أمريكا أو باسم الملكة كما في كندا.
  
في حين أن الاتجاه الثاني و هو يتلون بالادراك الموضوعي، فقد تكون في نظم تعطي الجماعة أهمية تعظم أهمية الفرد و لا تقدس حقوق الملكية و حرية التعاقد بذات المستوى كما في الاتجاه الأول.
في اطار هذا الاتجاه يصبح البحث عن الحقيقة مقدما على الحقوق الأساسية للفرد. لذلك في القضايا الجنائية يتحمل المتهم و وكيله عبء دفع الاتهام و اثبات العكس. و للقاضى في هذه المدرسة دورا ايجابيا في توجيه سير التقاضي و الاثبات بل له أن يتدخل في عملية الاثبات.

جدير بالاشارة بعد هذا العرض المبسط و الموجز، أن هذين الاتجاهين لا يتمايزان بشكل صارم و لا يتلونان بالأبيض أو الأسود فقط، بل إن مساحات التداخل بين كل منهما تزداد مع تسارع الاتصال بين الثقافات القانونية المختلفة، حتي بات يدفع بكلا الاتجاهين إلي مساحة رمادية تمازج بين النظامين.

أخيرا، إن الوعي بالمنطلقات و الغايات أمر هام في تنظيم الاثبات. لذلك يجب أن تراعي قواعد الاثبات و محاولات تحديثها أمورا عدة. الأول هو الموروث شرعا و عرفا في اثبات الحقوق و الثاني الاتجاهات الحديثة و تطور وسائل الاثبات و ثالثا تيسير و قلة كلفة الاثبات كواحدة من ضمانات الحق في اللجوء إلي قضاء عادل.

الشريعة و استقلال القضاء

متابعة لمدونات و اشارات سابقة هنا و هنا و هناك ، هاكم اسهام جديد في مسألة استقلال القضاء و تطبيق الشريعة