Thursday, June 02, 2005

النشر القانوني


مدونة القانون المدني المصري طبعة 1999 و مدونة القانون المدني الفرنسي و مجموعة القانون المدني بكيبك

في هذه الصورة كتاب يحوي نصوص القانون المدني المصري. هذه الطبعة- طبعة 99- حصلت عليها في سبتمبر عام 2002 من محل بيع المطبوعات الأميرية بميدان الأوبرا. بجواره نسخة من مدونة القانون المدني الفرنسي طبعة 2003 يعلوها مجموعة القوانين المدنية بكيبك طبعة 2004-2005

أولا: عن الورق و الطباعة
فارق كبير في جودة الورق، و هو فارق تستدعي معه الذاكرة أوراق كتب دراسة القانون في مصر. كان يشيع بيننا طلبة حقوق جامعة القاهرة أنها أوراق لحمة!! إذ كانت من أسوأ الأنواع و أحقرها جودة. على حالتها تلك كانت تمثل مصدر رزق وفير لأستاذة الجامعة، رغم أن كثر منهم لم يكن يبذل العناية الكافية في اعدادها من الناحية الموضوعية. غالبا ما كانت عبارة عن ملازم متفرقة دون غلاف يحميها، و تكون سعيد الحظ إذا أكملت عامك الدراسي دون أن تنفرط أوراق الملازم بعد أن يسقط عنها دبوس صدأ يفترض أنه يجمع شعثها.
أما عن الطباعة و الأخطاء المطبعية فحدث و لا حرج. كان اختراع الكمبيوتر قد مضى عليه سنون، دراستي في مصر امتدت بين عامي 95 و 99!! لكن جل الأساتذة كان لا يعير الموضوع اهتماما فهو يريد أقل تكلفة ممكنة مقابل أكبر ثمن غير ممكن ليغتنم فرصة موسم بيع الكتب في تحقيق ثروة تعجز عن توفيرها مرتباته بكل كمالياتها. كان حظنا أن نقرأ خطوطا كتبت على الطابعة اليدوية، حروف باهتة على ورق أصفر ردئ.
هكذا كان الكتاب الجامعي الذي يسيطر على سوقه 3 أو 4 دور نشر بالاتفاق مع أساتذة القانون.
أما مدونات و مجموعات القوانين فتطبعها هيئة المطابع الأميرية. الجودة ربما أفضل بعض الشئ، لكن أسعارها لا تتناسب بالمرة مع ضعف مستوى الطباعة. هناك أيضا بعض المحامين و أساتذة القانون الذين يعيدون نشر هذه القوانين مع تعليقاتهم أو هوامش من الفقه و القضاء. غير أن التحسن في جودة الطباعة مع هذه المجموعة الأخيرة هو دون المستوى المأمول و الطبيعي بكثير.

ثانيا: عن المحتوى و المضمون
حتى أكون منصفا، لا ينبغي أن أبخس بعض رجال الفقه القانوني حقهم حين يعكفون على القراءة و المتابعة و مراجعة ما يكتبونه و تضمينه ما يجد من فقه و قضاء. كذلك لا يسقط من الحساب الوضع المؤسف لأستاذ الجامعة بشكل عام، الأمر الذي يجعل من اهتمامه بالبحث و التجديد بشكل موضوعي و دقيق أمرا ثانويا في ظل مواجهاته متطلبات الحياة و قسوتها اقتصاديا و معنويا فضلا عن عدم الاعتراف بجهده و تكريمه.
بيد أن هذا كله لا يدفعني إلى قبول الوضع الذي عليه مضمون الكتاب القانوني في مصر. وضعا يفتقر إلى أبسط قواعد الدقة و الأمانة البحثية. كثر هم أساتذة و رجال القانون من حملة درجات الأستاذية- دكتوراه- من جامعات أوروبية عريقة. لكن قلة منهم من تعلم و تحرى أمانة البحث و دقته بكل أسف و حسرة.
يشيع النقل في كتاب القانون المصري، بل يكاد يكون ديدن مدونات و قوانين جديدة في بعض المجالات، سيكون لها نصيب من التعليق في تدوينات لاحقة. بالطبع ليس إثما أن تنقل، غير أنه من الإثم أن تنقل ما لا يفيد و ما لا تحتاجه، و من الإثم كذلك أن تنقل دون أن تشير إلى المصدر بطريقة أمينة و واضحة.
أضف إلى ذلك أن التجديد و المتابعة للمطبوع القانوني المصري- يستوي في ذلك كتاب الفقه أو مدونات و مجموعات القوانين- أمر لا يحظى بأية عناية في ظل سيادة منطق الربح و الربح فقط. لاحظ مثلا أني تحصلت عام 2002 على نسخة من القانون المدني طبعة عام 1999 و هو أمر غريب في ظل ما قد يطرأ من تجديد و إضافة مستمرين يتعين على رجل القانون المستخدم أن يستهلك أوقاتا إضافية في البحث في اتجاهات شتى للحصول على ما قد تغير و تجدد.

ثالثا: دراسة مقارنة ليس من باب جلد الذات و لكن للتمثل و القدوة
من تجربة دراستي القانونية في فرنسا و كندا أقول أن الكتاب يمثل ركنا رئيسا في عملية التحصيل الدراسي، تماما كما هو الحال في مصر. الفارق أن التحصيل لا يقوم على أساس كتاب معلم المادة. الأصل أن هناك منهج و قائمة كتب مرشحة للقراءة كمراجع، فضلا عن أحكام القضاء و قواعد البيانات القانونية. توفر مكتبات الجامعة نسخا عدة من هذه المراجع و تيسر الاستعارة. طالب القانون ليس مطالبا بشراء كتاب معلم المادة أو حتى غيره. ما عليه هو أن ينصت إلى المحاضرات و الدروس و يسجل ما يريد أو ما يستطيع من شروحات و تعليقات الأستاذ. بعدها يستعين الطالب بخدمات المكتبة من قواعد بيانات و دوريات متخصصة و كتب و مراجع. المكتبة في الجامعة تمثل بيت الطلاب الحقيقي. أبوابها مفتوحة حتى ساعات متأخرة قياسا إلى ساعات العمل المعتادة. كما أنها تفتح أبوابها في عطلة الأسبوع- سأفرد للمكتبة تدوينة في وقت لاحق.
إذن يستعين دارس القانون بما توفر من مراجع في المكتبة و له أن يشتري كتابا ما إذا أراد. لكنه أمر غير شائع في ظل أسعار تتجاوز قدرة الطالب على الشراء.
أسعار كتب القانون و مجموعات القوانين مرتفعة إلى حد ما، لماذا؟
بداية جودة الطباعة و حداثتها. أوراق ذات جودة ملموسة. طباعة و حروف واضحة يكاد يكون من المستحيل الوقوع على خطأ مطبعي، حتى و إن حدث فستجد ملحقا للتصحيحات. كذلك الطبعة تتجدد كل عام لتتضمن ما قد من نصوص و تعديلات.
كما أن رصانة المادة و جديتها و تحري الأمانة في البحث و العرض كلها ثمار جهد حقيقي يبرر ارتفاع سعر الكتاب.

أخيرا، هي أمنية أن يأخذ رجال القانون صنعتهم مأخذ الجد و أن يعيروا مؤلفاتهم و أعمالهم مزيدا من الجهد و العناية و أن يتسلحوا بالأمانة و دقة البحث. كما تشمل الأمنية دور النشر و الطباعة إذ عليها أن ترقى بمستوى الطباعة و النشر القانوني. نهاية القول، ليت هيئة المطابع الأميرية تكف عن أصدار و طباعة القوانين بهذه الطبعات الرديئة، ليتها تقتصر على نشر الجريدة الرسمية و تترك نشر و طباعة القوانين و اللوائح التنفيذية لدور نشر متخصصة في النشر القانوني، على الأقل سنكون قد وفرنا للدولة ملايين تنفق هباءا في مطبوعات رديئة.

إضافة
بعد تدوين هذه المدونة توفرت على موقع جديد تحت عنوان " المكتبة القانونية" لا أعلم شيئا بعد عن جديته- يقدم الموقع خدمات نشر الكتاب القانوني و توزيعه على الانترنت.
Posted by Hello

2 Comments:

Blogger احمد الهمشرى said...

thank s

12:43 PM  
Blogger Unknown said...

الأخ الفاضل الأستاذ / حازم
بعد التحية، ،، ، ،
فلقد طالعت هذه المدونة الآن فقط - وبطريق الصدفة- إذ لم يسعدنى الحظ من قبل بمطالعتها ووجدته تحوى العديد من الآراء البناءة والملاحظة الدقيقة المتعمقة مع وعى تام بمواطن التحفظ بشأن الرأى الخاص بكم.
فتحية من القلب لجهدكم المشكور.
ناير أنسى
المحامى بالنقض

4:11 PM  

Post a Comment

Subscribe to Post Comments [Atom]

<< Home