Saturday, June 03, 2006

كأس العالم و قانون اي ار تي

أحد الموضوعات التي تستأثر بالحديث على صفحات الجرائد في مصر اليوم يتعلق بإذاعة مباريات كأس العالم التي ستقام بألمانيا خلال أيام. انتقد الكثيرون البث الحصري الذي حصلت على حقوق قناة ART .
بالتأكيد تكرار هذا الانفراد من جانب هذه القناة في بطولة بعد أخرى يثير حنق الكثيرين سواء من جانب المشاهدين الغير قادرين أو حتى غير الراغبين في الاشتراك في خدمات هذه القناة أو من جانب القنوات المنافسة المستقلة منها و الحكومية.
غالب الأصوات المتناولة للموضوع توقفت عند اعتبارات اقتصادية و هي اعتبارات مهمة دون شك. كما ذهب بعضها إلى التفنن في دراسة الطرق البديلة للتمكن من مشاهدة المباريات مباشرة.
الحقيقة أن هذه الإشكالية المتعلقة بالبث و الحقوق الحصرية ليست جديدة على الاطلاق. لكنها و خاصة في مجال التلفزة و البث العلوماتي تعد بدعة في العالم العربي الذي تفتقد مكتبته التشريعية و القانونية لمباحث تتعلق بفرع قانوني يعرف بقانون الاتصالات و المعلوماتية.
فقد جرى الحال على منطق اقتصادي يعطي الأولوية لمن يدفع أكثر و لمن له صلة أوثق بدوائر القرار و الحكم. ترتب على ذلك احتكارات لها أبعادها الاقتصادية و الثقافية. هذا الوضع عرفته نظم الشمال المتقدم و لا زالت مشكلة الاحتكار و تركز وسائل الإعلام في جهات أو عائلات معينة تجد لها مكانا. إلا أن الفارق يتمثل في فطنة النظم الشمالية إلى وجود المشكلة و محاولة حلها عن طريق تشريعات تتعلق بقوانين الاتصال و البث و الاحتكار التي قدمت حلولا مهمة و عالجت الوضع إلى حد كبير.
كان لدرجة الماجستير التي تحصلت عليها الفضل في معرفتي بهذا الفرع القانوني الجديد الذي درست فيه قوانين الاتحاد الأوروبي و فرنسا في تقنين شبكات الاتصال و البث. فتعرفت مثلا على الرؤية التشريعية الأوروبية التي تستوعب الاعتبارات الثقافية و الاقتصادية فيما يخص مثلا البث الإذاعي و التلفزي و مجتمع المعلومات كما تعرفت على تكوين و دور المجلس الأعلى للبث السمعي و البصري الذي يتمتع باستقلال حقيقي يؤهله للتمتع بقول مسموع و نافذ في مجال اختصاصه.
المسألة لا تتعلق فقط بالبث و قوانينه، فلقواعد المنافسة و منع الاحتكار دور مهم في تقنين البث الإذاعي للمباريات.

لا شك أن هناك قواعد تحكم الجوانب المتعلقة بالاتصال بأنواعه المختلفة لكنها للأسف قواعد تحكمها اعتبارات سياسية و أمنية غير شفافة تتيح التحايل و الفساد و هو ما أدى إلى تكرار مسلسل الفضائح في مبنى ماسبيرو و سائر مباني وزارة الإعلام في مصر.
لكن انصافا سمعنا في مصر مؤخرا عن قوانين حماية المستهلك و قوانين منع الاحتكار و قوانين الاتصال إلخ لكن اقتصر تشريعها و دراستها على نقل بعد دراسة غير متعمقة و فهم لهذه الفروع القانونية الحديثة. كما افتقدت هذه التشريعات أولا وجود اجهزة مستقلة بشكل حقيقي تقوم على تقنين و رسم السياسات و القرارات المتعلقة بهذه الصناعة، ثانيا تفعيل حقيقي لنصوص القانون.
هذه المدونة ليست دعوة لإصدار تشريعي يتعلق ببث مباريات كأس العالم ببساطة لأننا ننتظر من مجلسنا التشريعي تدخلا عاجلا في مجالات أكثر أهمية تتعلق بمشكلات الاصلاح السياسي و معالجة مشكلات الشباب من بطالة و علاج صحي و تثقيف ,,الخ حتى لا نجد أنفسنا أمام مجلس تشريعي يهتم أعضاؤه بالفعل الغير بناء لمجرد الحصول على أصوات الناخبين كما جاء بعجز هذا الخبر

2 Comments:

Blogger أحمد said...

يمكنك مشاهدة مباريات كأس العالم
في منطقة الشرق الأوسط على القمر الأوربي
و القنوات الألمانية
dw

2:16 PM  
Blogger قلم جاف said...

أعتقد أنني من حقي أن أسأل عن الدور التشريعي لمجلس الشعب ..

ما نراه كمواطنين غير مسيسين هو وعود طويلة عريضة بالخدمات ، ومناقشات لاتفاقيات ، وحوارات بيزنطية في الهايفة والهابلة ..

لكن من صوت الشعب لهم أمامهم دوران مهمان لا يضطلعان بهما ، الدور الرقابي والتشريعي ..

في مجلس الشعب لجنة تشريعية ، ماشي ، هل هؤلاء التشريعيون منتخبون أم معينون ، هل هم مسيسون أم مستقلون؟ وحتى إن عرضت القوانين على الأعضاء ، هل رأينا يوماً تشريعاً يعرض إلا على مقاعد خالية ، أو على نواب من هنا أو من هناك لا يملكون الحد الأدنى من الوعي ولا الفهم لموضوع القانون؟

طالما أن المجلس لا يقوم بدوره التشريعي ..فإن قانون منع الاحتكار يبقى للحظة كتابة هذه السطور .. مشفراً!

12:55 PM  

Post a Comment

Subscribe to Post Comments [Atom]

<< Home